تعد الثانوية العامة مرحلة تعليمية حاسمة في حياة الطالب، فهي تمثل جسرًا بين التعليم الثانوي والجامعي، فهي مرحلة تتطلب تعاوناً وثيقاً بين الطلاب وأهاليهم للتغلب على الضغوط النفسية والعصبية ، بتوفير الدعم العاطفي والاجتماعي المناسب، فتمثل الثانوية العامة نهاية مرحلة التعليم المدرسي وبداية مرحلة جديدة من الحياة الأكاديمية ، لذلك من المهم أن يتلقى الطلاب دعمًا نفسيًا واجتماعيًا من الأهل والمدرسين والأصدقاء.
الثانوية العامة لأغلبية أولياء الأمور هي بمثابة التحديد المصيري لهم، وبداية مرحلة جديدة لأولادهم، والمصير متوقف على درجات وتنسيق، لكن هل الهدف هو التنسيق والكليات أم نريد مواكبة سوق العمل ؟.
بطبيعة الحال نفرح للمتفوقين بأعلى الدرجات لمجرد حصولهم على أعلى الدرجات دون النظر الى الفجوة التي تعانى منها الدولة في انتاج خريجين لم يواكبوا سوق العمل ولم يحصلوا على فرصة تتيح لهم النجاح والتميز في مجالهم، الأهالي فقط يبحثوا على كلية لمجرد الاسم فقط، فهناك بعض العبارات من الأهالي " عاوزاك تدخل كلية من كليات القمة، عاوزاك دكتور، عاوزاك مهندس .... وهكذا ) وكأن ليس هناك كليات غير هذه من منطلق أنها كليات القمة ولكن الواقع الأن يتطلب كليات تواكب التطورات التكنولوجية الحديثة ومن ثم تواكب سوق العمل وهذا يتوقف على مدى قدرة كل طالب على تحقيق مصيره .
وتعتبر مرحلة الثانوية العامة تحديد مصير بالنسبة للطلاب وأسرهم ، والمصير هنا يتحدد مقدار استطاعة الفرد على أن ينجح فيحقق ذاته ثم سرعة تحقيقه لهذا النجاح، حيث أن سر النجاح في أي عمل وضمان الصواب لاختيار مسار حياتك، أن تفهم ما المطلوب، وتعرف نفسك وإمكاناتها وقدراتها، ثم تختار في إطار الموازنة بين هذا وذاك، فعلى سبيل المثال لا الحصر إن علمت بتشبع سوق العمل من خريجي كليات التجارة والتربية والآداب ، فمن العبث أن تسعى للتخرج منها وهناك عشرات المجالات التي تحتاج لمن يعمل بها، وكذلك إن علمت بتشبع سوق الهندسة المعمارية وعرفت بوجود الاحتياج الشديد لدارسي الحاسبات وتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي فلا يعقل أن تذهب لدراسة المعمار على حساب الرقمنة ، ومن هنا فأنت بحاجة الى التركيز على ما يتطلبه سوق العمل الآن وليس دخول كلية ما فقط على سبيل الوجاهة ومن ثم ما يقال عنها كليات القمة فقط لمجرد الاسم دون تحقيق النجاح الذي تبحث عنه، بل دخولك كلية معينة تشبع رغباتك وتحقق ذاتك هذا هو النجاح والذي يعتمد في الأساس على التوازن بين الجهد الأكاديمي والدعم النفسي والاجتماعي .
ومن هنا فالثانوية العامة ليس فقط اختبارًا للمعرفة الأكاديمية، بل أيضًا اختبارًا للصبر والإصرار والتفاني في العمل واثبات الذات وتحقيق المصير الذي تريده .